علاقة القبائل الهلالية بجريمة الحرابة في بلاد الامازيغ ،
شهدت بلاد الامازيغ او ما يسمى المغرب الإسلامي الكبير بين القرنين 13م - 15 م تفشي ظاهرة الحرابة خصوصا من قِبَل القبائل العربية الهلالية، التي استقرت بالعديد من المناطق بالمغرب الإسلامي وأحكمت سيطرتها علي ضواحي البوادي وطرق القوافل لاسيما بعد ضعف الدولة الموحدية وسقوطها ونظرا إلى المساهمة الكبيرة للقبائل الهلالية في شيوع هذه الاضطرابات، ارتبطت بها ظاهرة الحرابة وقطع الطريق ونُسِبَت إليها. ؛ الحرابة؛و الغارات؛ اللصوصية؛اختلال الوضع الأمني بالمدن والقرى والمسالك، وأدى ذلك إلى استفحال اللصوصية والحرابة من طرف القبائل في المسالك والقرى وحتى المدن، وشكلوا عصابات منظمة وتعددت غاراتها على القوافل التجارية والمسافرين الممتلكات، وهذا في ظل عدم قدرة السلطات المحلية على حد من نشاط الحربي لتلك القبائل. ومن ثمة نتساءل لماذا ارتبطت الحرابة وقطع الطريق في بلاد المغرب الإسلامي بالقبائل الهلالية دون غيرها من القبائل؟ وكيف أضحت هذه الآفة ملازمة لتلك القبائل؟ و كيف نفسر امتهانهم لها؟.
وللإجابة على تساؤلات المطروحة، قمت بتقسيم هذا البحث إلى أربعة عناصر
أولا: تقديم نبذة عن دخول قبائل بني هلال ومراحل انتشارهم بالمغرب الإسلامي
ثانيا: مسألة امتهان القبائل الهلالية للحرابة في المغرب الإسلامي
ثالثا: نشير إلى نماذج عن هذه ظاهرة لدى تلك القبائل
رابعا: الإشارة إلى تفسير ابن خلدون لهذه الظاهرة لدى القبائل الهلالية، وهذا ما اسْتَوجبَ اطلاع والاعتماد على مجموعة من المصادر والمراجع لاسيما كتب الرحالات والنوازل الفقهية.
1 استقرار القبائل الهلالية بالمغرب الإسلامي:
عرف المغرب الإسلامي خلال القرن الخامس الهجري / 11 م حدث ا بارز ا شكل منعطف حاسم في تاريخه تمثل في دخول قبائل بني هلال وبني سلبم الاعرابية لمجال المغرب الامازيغي الكبير أو كما تُعرف بالهجرات الهلالية، حيث يعتبر هذا الحدث بداية تحول امني وسياسي خطير في المنطقة وشمل هذا التحول مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
و تَذ كر معظم المصادر أن سبب دخول القبائل الهلالية للمغرب الإسلامي هو خطة من الخليفة الفاطمي المسنتصر بالله للانتقام من الأمير الزيري المعز ابن باديس الذي خلع طاعة وأعلن القطيعة مع الدولة الفاطمية في مصر دينيا وسياسيا )انظر كتاب ابن عذاري المراكشي، ج 1 ، 1983 : 279،273 ؛ وابن خلدون، ج 6 ، 2000 : 18 - 19 ؛ ابن الشماع، 1984 : 136 - 137 ،)
فقرر الخليفة توجيه القبائل الهلالية الى المغرب انتقاما من آل زيري،وكذلك للتخلص من عبث تلك القبائل في مصر فقد كانت مصدر إزعاج للسلطة الفاطمية من خلال خلق الكثير من المشاكل و الإضطربات )ابن خلدون، ج 6 ، 2000 : 19 .)
وقد استطاعت قبائل بني هلال بعد دخولها لإفريقية من ممارس الارهاب واللصوصية والإستلاء على البوادي والمسالك
و أ ما عن انتشارهم واستقرارهم في المغرب الأقصى فكان في عهد الموحدين بداية من فترة عبد المؤمن بن علي إلى فترة يعقوبالمنصور، الذي قام بنقلهم من إفريقية و المغرب الأوسط إلى المغرب الأقصى وعمل توطينهم في شمال وجنوب المغرب الأقصى من خلال منحهم أراضي كثيرة )
ومع بداية القرن السابع هجري/ 13 م كانت القبائل الهلالية وبطونها قد توسعوا وسيطروا على أنحاء كثيرة من المغرب الإسلامي وازداد فسادهم، حيث أخذوا يشنون الغارات على القوافل والتجار والبوادي وحتى الحواضر لم تسلم من الإغارة.
2 امتهان القبائل الهلالية للحرابة في المغرب الإسلامي:
-وكان معروف على قبائل بني هلال امتهان الحرابة قبل دخولهم للمغرب فهذا الق بِيلُ كانت يجول صحراء نجد والحجاز، ثم استوطنوا قرب الطائف، وكانوا يطوفون رحلة الشتاء والصيف أطراف العراق والشام ويغيرون هناك على الضواحي و النواحي ويفسدون السابلة،ويقطعون على الرفاق، ومن ذلك الإغارة على الحجاج أيام الموسم
بمكة وأيام الزيارة بالمدينة )انظر كتاب ابن خلدون، ج 6 ، 2000 : 18 .)
وارتبطت ظاهرة الحرابة في تاريخ المغرب الإسلامي بقبائل بني هلال ) وبني سليم، فكانت عادة وجزء لا يتجزأ من طباعهم، حرفتها قائمة على السلب والنهب وسلاحها السيف والرمح ، و مع دخولهم للمنطقة في القرن الخامس الهجري/ 11 م، واستحوذت الفرق الارهابية الاعرابية على الكثير من الأرياف ، أدى هذا إلى
تدهور الوضع الأمني بشكل رهيب، حيث أخذ العرب يشنون الغارات و يقطعون الطريق وحاصروا المدن مما أوجد صعوبة لدى السكان في تنقل من مكان إلى مكان واستمر هذا الوضع مع استمرار تدفق القبائل العربية إلى بلاد المغرب الإسلامي، ففي القرن السادس الهجري / 12 م ووصول نفوذ إخوانهم من البطون الأخرى إلى السهول الداخلية و في المغرب الأوسط أين قاموا بتعطل كل النشاطات الاجتماعية
والاقتصادية خاصة الطرق والمسالك بكل من إفريقية و المغرب الأوسط و لم يستعصى عليهم سوى المدن المحصنة
وما يشير ويؤكد علاقة القبائل الهلالية و بطونها بالحرابة، هونعت الكثير من مصادر التاريخية خلال تلك الفترة القبائل بأشنع الأوصاف نتيجة امتهانهم للحرابة وقطع الطريق وتطاول على أرزاق الناس منها
" ذعار اللصوص وأُباقُ العبيد وأخابثُ أَهل الحرابة
والشرور")تأليف جماعي؛ ص 109 - 110
(، و"...شرذمة من سليم)بني سليم( لصوصا وأوباشا وكلابا هراشا") ابن عذاري
المراكشي؛ ص : 187
(، و" ... الأوشاب والأوباش...")ابن الحاج النميري؛ ص : 281
(، و"صعاليك سليم)بني سليم وذؤبانهم، وكل من وافقهم على ضلالتهم من الأعراب وأعانهم، من أهل الباطل وأعوانهم"،
و"المعتدين...والعابثين والمفسدين"و"أوباش جمعتهم الفتنة وأخياف...ولصوص نظمهم على الحرابة، وصرفهم عن التوبة والإنابة، الشقاق و الخلاف" ) تأليف جماعي؛ ص : 157
(، و"...قبائل سليم و شرار هلال)بني هلال تأليف جماعي؛ ص :257 .)
وتجدر الإشارة إلى أن اللصوصية والحرابة عرفت ذروتها لدى تلك القبائل مع بداية القرن السابع الهجري/ 13 م، خاصة مع إنهيار الدولة الموحدية، وعدم قدرة السلطات السياسية بالمغرب الإسلامي على ضبط الأوضاع الأمنية ووضع حد لها، فقد أفرزت
أزمة أمنية فعلية، فقطعت الطرق وهاجمت السابلة وشنت وأغارت على المدن والقرى
لقد خلف الغزو الهلالي خوفا جماعيا في المناطق التي سيطروا عليها أولئك الأعراب حيث كانوا يهاجمون المناطق الشمالية ، خاصة مسالك التجارية الرئيسية، بسبب أن مناطق الداخلية و السهوب لم تعد تسعهم ولا تسع مواشيهم) و هذا ما نلاحظه في المغرب الأقصى أين عملوا على بث الرعب بين السكان عن طريق الغصب وقطع الطريق بكل من سهول تامسنا و الهبط و أزغار فعمت الفوضى و إختل الأمن بكل البلاد مع بدية القرن السابع الهجري/ 13 م
كتاب ( Mohamed kably, 1986 : 117 .)
حدث نفس الشيء في المغرب الأوسط أين عملوا على زعزعة الاستقرار وإشاعة حالة اللامن، واحترف الكثير منهم اللصوصية وقطع الطريق خاصة في طرق الرابطة بين تلمسان ومدن المغرب الأوسط
أما في المغرب الأدنى فقد ازدادت عمليات النهب و السلب في المسالك، وأصبحت عبارة أن "العرب تستقطع على الناس شائعة" في المجتمعات القروية والحضرية وتعرضت الكثير من القوافل التجارية للإغارة من طرف القبائل الهلالية خاصة في المسالك الرابطة بين صفاقس والمهدية والقيروان و الجريد أو القيروان وباجة )
3 نماذج عن قطع الطريق من القبائل الهلالية:
- تشير كتب الرحلات والمؤرخين خلال تلك الفترة إلى امتهان القبائل الهلالية وبطونها الحرابة واللصوصية في مجال المغرب الإسلامي وذلك نتيجة لمشاهدتهم الميدانية وتجارب شخصية مع تلك القبائل، وفي بداية نشير إلى العبدري الذي أصابه الخوف
وذعر عند سلوكه الطريق الرابط بين فاس وتلمسان أثناء رحلته إلى الحج قائلا
" وجدنا طريقها منقطعا مخفوفا، لاتسلكه الجموع الوافرة إلا على حال حذر واستعداد وتلك المفازة مع قربها من أضر بقاع – -الأرض على المسافر")
العبدري،ص: 45
(، بسبب أن ذلك الطريق تحت سيطرة الأعراب. ثم ذكر أن أهالي مدينة باجة في
المغرب الأدنى متأهبون دائما لا يفارقون السور خوفا من العربان وأنهم يستعدون لدفن الجنائز كما يستعد ليوم الضرب والطعان)العبدري، ص: 105 .)
وكذلك ما يرويه ابن بطوطة أثناء رحلته إلى بلاد الحجاز سنة 725 ه/ 1324 م، وإشارته لبعض المواضع في المغرب الأوسط حيث أصابه الخوف عند مروره بها خشية تعرضه للسطو والنهب من قبل العصابات الهلالية، لاسيما المتمركزة في المسالك الرابطة بين بجاية وبونة وبين بونة وتونس) ابن بطوطة، ج 1 ، 1987 : 35 .)
وفي هذا الإطار يذكر لقاء الركب في طريق عودته من المشرق مع فرسان لصوص عند خروجهم من تلمسان عائدين إلى المغرب الأقصى قائلا
" بقرب أزغنغان، إذا خرج علينا خمسون راجلا و فرسان. وكان معي الحاج ابن قريعات الطنجي وأخوه محمد...فعزمنا على قتالهم، ورفعنا علما، ثم سالمونا وسالمناهم، والحمد الله" ) ابن بطوطة، 1987 : 669 - 670 .)
ومن الرحالة الذين عانوا وعايشوا هذا الوضع وعانوا منه البلوي صاحب تاج المفرق، فقد تعرض شخصيا لهجومين من طرف الأعراب، الأول كان عند خروجه من بلاد العناب)بونة( سنة 736 ه/ 1335 م، ويقول عن الحادثة
"قطعة من العرب كقطع الليل حملت علينا حمل السيل فكان زوال كل ما ملكناه أسرع من لحسة الكلب أنفه" )البلوي، ج 1 ،ص: 164 - 165 .)
أما المرة الثانية أثناء عودته من المشرق وذلك في طريق بجاية سنة 740 ه/ 1339 م، قائلا:
"...وعندما ملنا للنزول وعطفنا في تلك الحزون إلى السهول تصارفت العرب، واجتمع الإبن والأب، ثم حملوا علينا حملة ظننا أن الجبال إلينا راجفة، وأن الأرض بنا واجفة الغزون فصبرنا لحر طعناتهم" ) البلوي، ج 2، دون تاريخ: 147 .)
ومن المشاهدات الميدانية عن سطو وقطع الطريق من القبائل الهلالية كذلك، تلك الحالة التي رصدها عبد الباسط المالطي عن مجموعة من التجار في طريق بين فاس وتلمسان، فقد تعرضوا لغارة من الأعراب لكنهم نجوا بحيلة أنهم ادعوا المرض بعد أن
" شروا حميرا وجعلوا عليها أخراجا بما كان معهم من المال نقدا وعمدوا إلى عبى عتيقة فجعلوها أغطية على الأخراج"
(Abd el basit ben khalil, 1936 : 58).
و ما يدل على تفشي تلك الظاهرة عند القبائل الهلالية تناول الكثير من النوازل الفقهية خلال تلك الفترة هذا الموضوع، وعن مدى استفحالهِ خصوصا على يد العرب الهلالية، فأشارت العديد من النوازل إلى سيطرة تلك القبائل على القرى والمسالك وامتهانهم
اللصوصية والحرابة، وهنا نشير الى نازلة التي تقدم بها أبو العباس أحمد المعروف بالمريض سنة 796 ه/ 1398 م إلى أبو عبد لله بن عرفة عن قضية قتال الديلم وسعيد ورياح وسويد وبني عامر بالمغرب الأوسط حيث تتضمن هذه النازلة وصف لسلوك الحربي عند عصابات الهلالية قائلا
" جماعة في مغربنا من العرب، تبلغ مابين فارسها وراجلها قدر عشرة آلاف أوتزيد، ليس لهم إلا الغارات وقطع الطرقات على المساكين، وسفك دمائهم، وانتهاب أموالهم بغيرحق....ونصبوا الغارات على هذه البلاد التي نحن بها، وقاتلوا من عاجلوه، وقطعوا الطرقات...") كتاب الونشريسي، ج 6 ، 1981 : 153 ،)
وهذه النازلة تؤكد على استفحال أمر القبائل الهلالية وتشير إلى انتشار ظاهرة الحرابة في تلك الفترة عند القبائل الهلالية، وأبرزت عمليات النهب وقطع الطريق التي كانت تقودها تلك القبائل والأخطر أن عمليات الحرابة امتدت للأعراض.
كما وردت نازلة إلى الحفيد محمد العقباني بخصوص هولاء الأعراب وحكهم بسبب أفعالهم ) كتاب المازوني، ج 4 ، ص :185،183
(، فأجاب " أما الأعراب البغاة بالعتادة والسعي في سبيل الفساد وخصوصا ماذكرته معلوما إخافة الطريق وسلب الاموال وأقتراب انواع الحرابة لا يتناولهم فيها من خرج عن الإمام ويقاتل على ذلك من يغلب على الإمام تغلب الإمارة والاستبداد بدعوة رئاسة
الأئمة"، وأعتبرهم أهل الطاغة والحرابة.
وفي نازلة أخرى جاء فيها أن رجلا من أعراب الموجودين في إفريقية أخذ كمية من الغزل من أحدى البساتين في سبخة مقرين، فلم رأه صاحب البستان بلغ عنه الخليفة بباب خالد والذي أمر بقتله بضرب عنقه لعلمه أنه من الأعراب، الذين كانوا يعتبرون كلهم محاربين في تلك الفترة بسبب أفعالهم )البرزلي، ج 6 ، ص:177 .)
ونظرا لما وصل إليه خطر وضرر قطع الطريق من طرف العصابات الهلالية على أمن أهالي بلاد المغرب، أخذ علماء المالكية موقفا متشددا من هذه القبائل فأجمعوا بحرمة التعامل معها وإلى مقاطعتها
خاصة في التجارة والزراعة بسبب أن جل أموالهم من الحرابة
واللصوصية)محمد حسن، ج 2 ، 1999 : 640 - 641 - 642 .)
وحذا حذوهم فقهاء الاباضية كذلك بحجة "أنهم يأخذون أموال
الحجاج، ويسلبونهم ويقتلون من دافع منهم عن نفسه إضراب ))بني
مجزية(( وغيرهم ممن شهر بالنهب والغصب")الدرجيني، ج 2، دون
تاريخ: 490 .)
ولعل فيما أورده ابن مرزوق ما يدعم الشهادات السابقة، حين
أشار إلى إغداق الأمير أبو الحسن المريني سنة 738 ه/ 1339 م
الأموال والأكسية على رؤساء القبائل الهلالية، حيث أعطى للقبائل
المتمركزة في الطريق الذي يسلكه ركب الحج والحجاج في تلك السنة
ثلاثة آلاف دينار ومائتان من الأكسية، وكان هدف السلطان من هذا أن
يضمن عدم إغارة ونهب القبائل الهلالية للحجاج في الطريق )ابن
مرزوق الخطيب، 1981 : 454 .)
4 / تفسير ابن خلدون لظاهرة الحرابة لدى القبائل الهلالية:
اختلفت الأراء في تفسير سرَ وأسباب انتهاج قبائل بني هلال
للصوصية والحرابة. قدم ابن خلدون تفسيرات عن أسباب السلوكات
الإنحرافية عند القبائل العربية بالأخص سلوكهم المتعلق بالحرابة
واللصوصية وربطه بطبعهم حيث يقول"وذلك أنهم بطبيعة التوحش
الذي فيهم أهل انتهاب وعيث ينتهبون ما قدروا عليه ... ويفرون إلى
منتجعهم بالقفر..." )ابن خلدون، 2000 : 186 .)
وقد فسرها بميلهم إلى الكسب السهل وتجنبهم الأعمال التي
يرونها صعبة، كما لا يحبذون القتال ولا يحاربون إلا اذا ضطرو
دفاعا عن أنفسهم وذلك بقوله:" لايذهبون إلى المزاحفة والمحاربة إلا
إذا دفعوا بذلك عن أنفسهم فكل معقل أو مستصعب عليهم فهم تاركوه
إلى ما يسهل عنه ولا يعرضون له"، لذلك هم يستغلون ضعف الدولة
أو السلطة السياسية وتراجع قوتها للقيام بالغارات و النهب )ابن
خلدون، 2000 : 186 .)
بينما هناك من الدارسين من يرى أن جنوح القبائل الهلالية
للصوصية وقطع السبل مرجعه إلى العامل النفسي والإحساس بالعجز
والتهميش وقلة الاحترام اتجاهم، لذلك حاولوا إثبات وجودهم عن
طريق اللصوصية وقطع الطرق اضافة الى الأنانية التي كانت تحكم
أعمالهم، وتوجهها نحو إيذاء آخرين لذلك لم يتوانوا عن ارتكاب
الأعمال الشنيعة التي تدل على خبث النفوس وفساد الأخلاق) محمد
نبيل طريفي، 2004 : 21 - 22 .)
و تفرد ابن خلدون بتفسير موضوعي ومقنع وهو عدم وجود
رغبة لدى القبائل في طلب الرزق عن طريق الكد والسعي، بل كانوا
يبحثون وينشدون سهولة الكسب دون تعب لدرجة أن بلغ ببعضهم إلى
نهب أقاربهم وأهالهم )بوزياني الدراجي، 2011 : 28 (، لذلك"
فطبيعتهم انتهاب ما في أيدي الناس وأن رزقهم في ظلال رماحهم،
وليس عندهم في أخذ الأموال الناس حد ينتهون إليه بل كلما امتدت
أعينهم إلى مال أو متاع أو ماعون انتهبوه... وأيضا فلانهم يكلفون
على أهل الأعمال من الصنائع و الحرف أعمالهم لا يرون لها قيمة
ولا قسطا من الآجر والثمن..." )ابن خلدون، 2000 : 187 (، فهم
يستصغرون أجور الحرف والمهن ولا يكادون يقنعون بها، لهذا
يلجئون للحرابة وقطع السبل والإغارة، حيث يصبح معاشهم مرتبطا
أشد الارتباط بما تذر عليهم اللصوصية )حميد تيتاو، 2010 : 109 .)
كما أشار إلى أنهم لايقيمون اعتبار ا لأي شيء وذلك بقوله:"
فليست لهم عناية بالأحكام وزجر الناس عن المفاسد ودفاع بعضهم
عن بعض إنما همهم ما يأخذونه من أموال الناس نهبا أو غرامة....")
ابن خلدون، 2000 : 188 .)
مما سبق نرى أن ابن خلدون أرجع سلوك الحرابة
واللصوصية لدى القبائل الهلالية بالمغرب وإلى طبعهم المتوحش
المتأصل فيهم، وأن هذه الظاهرة ارتبطت بهم قبل دخولهم للمنطقة
فنقلوها واستمروا في امتهان هذه الحرفة بسبب أنها سهلت لهم
الكسب، وكانت مصدر رزق لهم يضاف إلى هذا الظروف الاجتماعية
والاقتصادية الصعبة التي عاشها المغرب الإسلامي
المراجع:
ابن بطوطة محمد بن عبد لله اللواتي، ) - 1987 (. رحلة ابن بطوطة تحفة النظار
في غرائب الأمصار و عجائب الأسفار، تحقيق: محمد عبد المنعم العريان
ومصطفى القصاص، ط 1 . بيروت : دار احياء العلوم.
البلوي خالد بن عيسى، )دون تاريخ(. تاج المفرق في تحلية علماء المشرق، -
تحقيق الحسن بن محمد السائح، دون مكان: اللجنة المشتركة لنشر التراث
الإسلامي بين المملكة المغربية ودولة الإمارت.
البرزلي أبي القاسم بن أحمد البلوي، ) - 2002 (. فتاوي البرزلي جامع مسائل
الأحكام لما نزل من القضايا بالمفتين والحكام، تحقيق محمد الحبيب الهيلة، ط 1 ،
بيروت: دار الغرب الإسلامي.
الدرجيني أحمد بن سعيد، )دون تاريخ(. طبقات المشايخ بالمغرب، تحقيق -
إبراهيم طلاي، قسنطينة: مطبعة البعث.
الونشريسي أبي العباس أحمد بن يحي) - 1981 (. المعيار المعرب و الجامع
المغرب عن فتاوي أهل إفريقية والأندلس و المغرب، خرجه جماعة من الفقهاء،
الرباط: وزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية للمملكة المغربية
ابن الحاج النميري برهان الدين، ) - 1990 (. فيض العباب و إضافة قداح الآداب
في الحركة السعيدة إلى قسنطينة و الزاب، دراسة واعداد محمد بن شقرون،
ط 1 ، بيروت: دار الغرب الإسلامي.
المازوني أبو زكرياء يحيا ابن موسى المغيلي، ) - 2009 (.الدرر المكنونة في
نوازل مازونة، تحقيق مختار حساني، مراجعة مالك كركوش الزواوي، القبة: دار
الكتاب العربي للطباعة والنشر.
ابن مرزوق الخطيب محمد بن أحمد التمساني، ) - 1981 (. المسند الصحيح
الحسن في مآثر ومحاسن مولانا أبي الحسن، تحقيق ماريا خسيوس بيغيرا ،
تقديم محمود بوعياد، الجزائر: الشركة الوطنية للنشر و التوزيع.
العبدري أبي عبد لله محمد بن سعود، ) - 2005 (. رحلة العبدري، تحقيق علي
إبراهيم كروي، ط 2 . دمشق: دار سعد الدين للطباعة و النشر.
ابن عذاري المراكشي أبي العباس أحمد بن محمد، ) - 1983 (. البيان المغرب ف ي
أخبار الأندلس و المغرب ، تحقيق ج.س.كولان و إليفى بروقنسال ، ط 3 . بيروت:
دار الثقافة.
ابن عذاري المراكشي أبي العباس أحمد بن محمد ، ) - 1985 (. البيان المغرب في
أخبار الأندلس و المغرب قسم الموحدين، تحقيق محمدد إبدراهيم و محمدد زنيبدر و
عبد القادر زمامة ، ط 1. بيروت: دار الغرب الإسلامي.
القرافي شهاب الدين أحمد بن إدريس، ) - 1994 (. الذخيرة، تحقيق محمد بوخبزة،
ط 1 ، بيروت: دار الغرب الإسلامي،.
الرصاع أبي عبد لله محمد الأنصاري المالكي، ) - 1993 (. الهداية الكافية
الشافية لبيان حقائق الإمام ابن عرفة الوافية المعروف "بشر ح حدود ابن
عرفة"، تحقيق محمد أبوالأجفان و الطاهر المعموري، ط 1 . بيروت: دار الغرب
الإسلامي
ابن الشماع أبدو عبدد لله محمدد ابدن أحمدد، ) - 1984 (. الأدل ة البينة النوارنية في
مفاخر الدولة الحفصية، تحقيق الطاهر بن محمد المعمدوري، تدونس: دار العربية للكتاب
- 1941 (. مجموع رسائل موحدية من إنشاء كتاب الدولة المؤمنية، تحقيق لافي بروفنصال، الرباط: المطبعة الإقتصادية.
ابن خلدون عبد الرحمن بن محمد، ) - 2000 (. المقدمة ، وضع الحواشي و
الفهارس خليل شحادة و مراجعة سهيل زكار، لبنان: دار الفكر.
ابن خلدون عبد الرحمن بن محمد، ) - 2000 (. العبر وديوان المبتدأ والخبر في
أيام العرب و العجم والبربر و من عايشهم من ذوي السلطان الأكبر،وضع
الحواشي و الفهارس خليل شحادة، مراجعة سهيل زكار، بيروت: دار الفكر.
-Abd el basit ben khalil, (1936). Deux recit de voyage inedits en afrique du nord au xve siècle, presentee Robert brunschvic, paris: la rose editeur..
- Mohamed kably, (1986). Societe , pouvoir et religion au maroc à la fin du moyen-age (xIv-xve
siecle), Préface de claude cahen, paris: Editions maisonneuve et larose.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق